فصل: سورة الشورى:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم




.سورة الشورى:

.فصول مهمة تتعلق بالسورة الكريمة:

.فصل في فضل السورة الكريمة:

قال مجد الدين الفيروزابادي:
فضل السّورة:
فيه حديث ضعيف جدًّا: «من قرأ حم عسق كان ممَّن يصلى عليه الملائكةُ، ويستغفرون له، ويسترحمون له». اهـ.

.فصل في مقصود السورة الكريمة:

.قال البقاعي:

سورة الشورى مكية- آياتها ثلاث وخمسون وتسمى حم عسق مقصودها الاجتماع على الدين الذي أساسه الإيمان، وأم دعائمه الصلاة، وورح أمره الألفة بالمشاورة المقتضية لكل أهل الدين كلهم في سواء كما أنهم في العبودية لشارعه سواء، وأعظم نافع في ذلك الإنفاق والمؤاساة فيما في اليد، والعفو والصفح عن المسيء، والإذعان للحق وإن صعب وشق، وذلك كله الداعي إليه هذا الكتاب الذي هو روح جسد هذا الدين المعبر عما دعا إليه من محاسن الأعمال، وشرائف الخلال بالصراط المستقيم، وإلى ذلك لوح آخر آخر السورة الماضية {حتى يتبين لهم أنه الحق} {ألا إنه بكل شيء محيط} وصرح ما في هذه من قوله: {أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه}، {إلا المودة في القربى}، {استجيبوا لربكم}، {نهدي به من نشاء من عبادنا}، {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم}، {ألا إلى الله تصير الأمور}.
وتسميتها بالشورى واضح المطابقة لذلك لما في الانتهاء وكذلك بالأحرف المتقطعة فإنها جامعة للمخارج الثلاثة: الحلق والشفة واللسان، وكذا جمعها لصنفي المنقطوطة والعاطلة، ووصفي المجهورة والمهموسة، وهي واسطة جامعة بين حروف أم الكتاب الذكر الأول، وحروف القرآن العظيم، وهذا المقصود هو غاية المقصود من أختها سورة مريم الموافقة لها في الابتداء بالتساوي في عدد الحروف المقطعة، وفي الانتهاء من حيث أن من اختص بمصير الأمور، كان المختص بالقدرة على إهلاك القرون، وذلك لأن مقصودها اتصافه تعالى بشمول الرحمة بإفاضة جميع النعم على جميع خلقه، وغاية هذا الاجتماع على الدين، ولما توافقتا في المقصود في الابتداء والانتهاء، واختصت الشورى بأن حروفها اثنان، دل سبحانه بذلك أرباب البصائر على أنه إشارة إلى أن الدين قسمان: أصول وفروع، دلت مريم على الأصول.
{ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه تمترون} [مريم: 34]، {وإن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم} {هل تعلم له سميا} [مريم: 65] والشورى على مجموع الدين أصولًا وفروعًا {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحًا والذي أوحينا إليك} الآية، هذا موافقة البداية، وأما موافقة النهاية فهو أنهما ختمتا بكلمتين: أول كل منهما آخر الأخرى وآخر كل أول الأخرى وإيذانًا بأن السورتين دائرة واحدة محيطة بالدين متصلة لا انفصام لها، وذلك أن آخر مريم أول الشورى وآخر الشورى أو مريم {فإنما يسرناه بلسانك}، الآية {هو كذلك يوحى إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم} {وكذلك أوحينا إليك روحًا من أمرنا} {ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان} إلى آخرها هو {ذكر رحمة ربك عبده زكريا}- إلى آخر القصة في الدعاء بارث الحكمة والنبوة الذي روحه الوحي والله الهادي، وكذا تسميتها ببعضها بدلالة الجزء على الكل. اهـ.

.قال مجد الدين الفيروزابادي:

.بصيرة في: {حم عسق}:

السّورة مكِّية إِجماعًا.
عدد آياتها ثلاث وخمسون في الكوفى، وخمسون في الباقين.
كلماتها ثمانمائة وستّ وستّون.
وحروفها ثلاثة آلاف وخمسمائة وثمان وثمانون.
المختلف فيها من الآي ثلاث: حم عسق، كالأَعلم مجموع فواصل آياتها (زر لصب قدم) ولها اسمان: عسق؛ لافتتاحها بها، وسورة الشورى؛ لقوله: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ}.

.معظم مقصود السّورة:

بيان حُجّة التوحيد، وتقرير نبوّة الرّسول، وتأْكيد شريعة الإِسلام، والتَّهديد بظهور آثار القيامة، وبيان ثواب العاملين دنيا وأُخرى، وذلّ الظَّالمين في عَرَصات القيامة، واستدعاء الرّسول صلى الله عليه وسلم من الأُمّة محبّة أَهل البيت العِترة الطَّاهرة، ووعد التَّائبين بالقبول، وبيان الحكمة في تقدير الأَرزاق وقسمتها، والإِخبار عن شؤم الآثام والذنوب، والمدح والثناء على العافين من النَّاس ذنوبَ المجرمين، وذلّ الكفَّار في مَقَام الحساب، والمِنَّة على الخَلْق بما مُنحوا: من الأَولاد وبيان كيفيّة نزول الوحي على الأَنبياء، والمنَّة على الرّسول بعطيّة الإِيمان، والقرآن، وبيان أَن مرجع الأُمور إِلى الله الدّيان في قوله: {إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأُمُورُ}.

.الناسخ والمنسوخ:

فيها من المنسوخ ثمان آيات: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي الأَرْضِ} م {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ} ن {اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ} م آية السّيف ن {وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} م {قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} ن {مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ} م {يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ} ن {إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقربَى} م {مَا سَأَلْتُكُم مِّن أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ} ن وقيل: محكمة {أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ} وقوله: {وَلَمَنِ انْتَصَرَ} م {وَلَمَنْ صَبَرَ} ن {فَإِنْ أَعْرَضُواْ} م آية السّيف ن. اهـ.

.فصل في متشابهات السورة الكريمة:

.قال ابن جماعة:

سورة حم عسق:
397- مسألة:
قوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ} وقال تعالى في آل عمران في بعض الصحابة: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا} ونصيبهم في الآخرة وافر؟
جوابه:
أن المراد من يريد الدنيا خاصة دون الآخرة، لعدم إيمانه بها لا مطلقا.
398- مسألة:
قوله تعالى: {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} وقال تعالى: {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ} وقد سماه تعالى في الجزاء سيئة؟.
جوابه:
ليس المراد بالسيئة ضد الحسنة الشرعية، وإنما المراد جزاء من عمل ما يسوء غيره أن يعامل بما يسوءه، والمشاكلة في الألفاظ من بديع الفصاحة، فسمى المباح سيئة لمقابلته للسيئة كقوله تعالى: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ}.
399- مسألة:
قوله تعالى: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (43)}، وفى لقمان: {إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17)}.
جوابه:
لما ذكر هنا جواز الانتقام، وذكر ترك ذلك لصفتين: الصبر والغفران، ناسب ذلك التوكيد، واللام، لأن الصبر والغفران مع القدرة أشد على النفوس منهما مع عدم القدرة.
وأية لقمان: في صفة واحدة وهي: الصبر، ولعله فيها ليس له الانتقام فيه فلم يؤكد.
400- مسألة:
قوله تعالى: {إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ} فقوله تعالى: {فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ} مفهوم من الأول وهو قوله تعالى: {إِلَّا وَحْيًا} فما فائدة ذلك؟.
أن المراد بالوحي الأول: الإلهام، لا الرسالة، والإلقاء في قلب الإنسان ما يكون، وهو كقوله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى}، {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ}. اهـ.

.قال مجد الدين الفيروزابادي:

المتشابهات:
قوله تعالى: {إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} وفى لقمان: {مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ}؛ لأَنَّ الصّبر على وجهين: صبرٍ على مكروه ينال الإِنسان ظلمًا؛ كمن قُتل بعضُ أَعِزّته، وصبر على مكروه ليس بظلم؛ كمن مات بعضُ أَعِزَّته.
فالصّبر على الأَوّل أَشدّ، والعزم عليه أَوكد.
وكان ما في هذه السّورة من الجنس الأَوّل؛ لقوله: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ} فأَكَّد الخبر باللاَّم.
وما في لقمان من الجنس الثانى فلم يؤكده.
قوله: {وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن وَلِيٍّ} وبعده: {وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن سَبِيلٍ} ليس بتكرار؛ لأَنَّ المعنى: ليس له من هاد ولا مَلْجَأ.
قوله: {عَلِيٌّ حَكِيمٌ} ليس له نظير.
والمعنى: تعالى عن أَن يُكَلِّم شِفَاهًا، حكيم في تقسيم وجوه التكليم.
قوله: {لَعَلَّ السَّاعَةَ قريبٌ} وفى الأَحزاب {تَكُونَ قريْبًا} زيد معه (تكون) مراعاة للفواصل.
وقد سبق. اهـ.

.قال الكَرْماني:

سورة الشورى:
463- قوله: {إن ذلك لمن عزم الأمور} 43 وفي لقمان {من عزم الأمور} 17 لأن الصبر على وجهين صبر على مكروه ينال الإنسان ظلما كمن قتل بعض بعض أعزته فالصبر على الأول أشد والعزم عليه أوكد وكان ما في هذه السورة من الجنس الأول لقوله: {ولمن صبر وغفر} 43 فأكد الخبر باللام، وفي لقمان من الجنس الثاني فلم يؤكده.
464- قوله: {ومن يضلل الله فما له من ولي} 44 وبعده {ومن يضلل الله فما له من سبيل} 46 ليس بتكرار لأن المعنى ليس له من هاد ولا ملجأ.
465- قوله: {إنه عليٌّ حكيم} 51 ليس له نظير والمعنى تعالى أن يكلم أو يتناهى حكيم في تقسيم وجوه التكليم.
466- قوله: {لعل الساعة قريب} 17 وفي الأحزاب {تكون قريبا} 63 زيد معه تكون مراعاة للفواصل وقد سبق.
467- قوله تبارك وتعالى: {جعل لكم} 11 قد سبق. اهـ.

.فصل في التعريف بالسورة الكريمة:

.قال الألوسي:

سورة الشورى:
وتسمى سورة حم عسق وعسق نزلت على ما روي عن ابن عباس وابن الزبير بمكة وأطلق غير واحد القول بمكيتها من غير استثناء وفي البحر هي مكية إلا أربع آيات من قوله تعالى: {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى} إلا آخر أربع آيات وقال مقاتل: فيها مدنية.
قوله تعالى: {ذلك الذي يبشر الله عباده} إلى الصدور واستثنى بعضهم قوله تعالى: {أم يقولون افترى}. إلخ.
قال الجلال السيوطي: ويدل لهما أخرجه الطبراني والحاكم في سبب نزولها فإنها نزلت في الأنصار وقوله سبحانه: ولو بسط الله الرزق الخ فإنها نزلت في أصحاب الصفة رضي عنهم واستثنى أيضا الذين إذا أصابهم البغي إلى قوله تعالى: {من سبيل} حكاه ابن الفرس وسيأتي إن شاء الله تعالى ما يدل على استثناء غير ذلك على بعض الروايات وجوز أن يكون الإطلاق باعتبار الأغلب وعدد آياتها ثلاث وخمسون في الكوفي وخمسون فيما عداه والخلاف في حم عسق وقوله تعالى: {كالأعلام} كما فصله الداني وغيره ومناسبة أولها لآخر السورة قبلها اشتمال كل على ذكر القرآن وذب طعن الكفرة فيه وتسلية النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ.

.قال ابن عاشور:

سورة الشورى:
اشتهرت تسميتها عند السلف حم عسق، وكذلك ترجمها البخاري في كتاب التفسير والترمذي في جامعه، وكذلك سميت في عدة من كتب التفسير وكثير من المصاحف.
وتسمى سورة الشورى بالألف واللام كما قالوا سورة المؤمن، وبذلك سميت في كثير من المصاحف والتفاسير، وربما قالوا سورة شورى بدون ألف ولام حكاية للفظ القرآن.
وتسمى سورة عسق بدون لفظ {حم} لقصد الاختصار.
ولم يعدها في الإتقان في عداد السور ذات الاسمين فأكثر.
ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء في تسميتها.
وهي مكية كلها عند الجمهور، وعدها في الإتقان في عداد السور المكية، وقد سبقه إلى ذلك الحسن بن الحصار في كتابه في الناسخ والمنسوخ كما عزاه إليه في الإتقان.
وعن ابن عباس وقتادة استثناء أربع آيات أولاها قوله: {قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقربَى} [الشورى: 23] إلى آخر الأربع الآيات.
وعن مقاتل استثناء قوله تعالى: {ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا} إلى قوله: {إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [الشورى: 24].
رؤي أنها نزلت في الأنصار وهي داخلة في الآيات الأربع التي ذكرها ابن عباس.
وفي أحكام القرآن لابن الفرس عن مقاتل: أن قوله تعالى: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ} [الشورى: 27] الآية نزل في أهل الصفة فتكون مدنية، وفيه عنه أن قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ} إلى قوله: {مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ} [الشورى: 41،39] نزل بالمدينة.
نزلت بعد سورة الكهف وقبل سورة إبراهيم وعدت التاسعة والستين في ترتيب نزول السور عند الجعبري المروي عن جابر بن زيد.
وإذا صح أن آية {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا} [الشورى: 28] نزلت في انحباس المطر عن أهل مكة كما قال مقاتل تكون السورة نزلت في حدود سنة ثمان بعد البعثة، ولعل نزولها استمر إلى سنة تسع بعد أن آمن نقباء الأنصار ليلة العقبة فقد قيل: إن قوله: {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى: 38] أريد به الأنصار قبل الهجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة.